حكى جعفر بن اللبان رحمه الله قال روي أنه كان با البصره نساء عابدات وكان من هن ام ابراهيم الهاشميه فأغار العدو على ثغر من ثغور المسلمين فانتدب الناس للجهاد فقام عبد الواحد بن زيد البصري في الناس خطيب فحضهم على الجهاد وكانت ام ابراهيم هذه حاضرة في مجلسه وتمادى عبد الواحد في كلامه ثم وصف الحور العين وذكر ماقيل فيهن وأنشد:
غادة ذات دلال ومَرح********** يجد الناعت فيها ما اقترح
خلقت من كل شيئ حسن********* طيب فاللّيت فيها مُطّرح
زانها الله بوجه جمعت ********** فيه أوصاف غريبات الملح
وبعين كحلها من غنجها ********** وبخدّ مسكه فيه رشح
ناعم تجري على صفحته********* نضرة الملك ولألاء الفرح
وهي تدعوه بود صادق ******** ملئ القلب به حتى طفح
يا حبيبا لست اهواى غيره ******* با الخواتيم يتم المفتتح
لا تكونن كمن جد الى ********* منتها حاجته ثم جمح
لا فما يخطب مثلي من سها***** انما يخطب مثلي من الح
قال : فماج الناس بعضهم في بعض واضطرب المجلس فوثبت ام ابراهيم وقالت : يا اباعبيد الست تعرف ابني ورؤساء اهل البلد يخطبونه الى بناتهم وانا أضنّ به عليهم فلقد أعجبتني والله هذه الجاريه وانا ارضاها عرسا لولدي فكرّر ما ذكرت من حسنها وجمالها
فأنشد:
تولّد نور النور من نور وجهها ********فمازج طيب الطيب من خالص العطر
فلو وطئت بالنّعل منها على الحصى***** لأ عشبت الأقطار من غير ما قطر
ولو شئت عقد الخصر منها عقدته*******كغصن من الرّيحان ذي ورق خضر
ولو تفلت في البحر شهد رضابها ******لطاب لأهل البر شرب من البحر
يكاد اختلاس الحضّ يجرح خدها ***** بجارح وهم القلب من خارج السن
فاضطرب الناس أكثر فوثبت ام ابراهيم وقالت : هل لك ان تزوج ابني منها وتأخذ مهرها مني عشرة الاف دينار ويخرج معك في هذه الغزوه فلعل الله ان يرزقه الشهاده فيكون شفيع لي ولابيه يوم القيامة ؟
فقال عبد الواحد لإن فعلت لتفوزن انت وولدك وابو ولدك فوزآ عظيما ثم نادت ولدها
يا ابراهيم !! فوثب من وسط الناس وقال لها لبيك يا اماه
قالت يابني أرضيت بهذه الجاريه ببذل مهجتك في سبيله وترك العود في الذنوب ؟
فقال الفتى إي والله يا اماه رضيت أيّ رضى فقالت : اللّهم اني اشهدك اني زوجت ابني هذه الجاريه ببذل مهجته في سبيلك وترك العود في الذنوب فتقبل مني يا أرحم الرّاحمين
قال ثم انصرفت :فجائت بعشرة الاف دينار وقالت يا ابا عبيد هذا مهر الجاريه تجهز به وجهز الغزات وانصرفت واشترت لولدها فرس جيدا واستجادة له سلاح فلما خرج عبد الواحد خرج الغلام يعدو والقراء حوله يقرأون ( إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنه)
قال فلما ارادت فراق ولدها دفعت إليه حنوط وكفن وقالت : أي بني ! إذا أردت لقاء العدو تكفن بهذا الكفن وتحنط بهذا الحنوط وإياك ان يراك الله مقصرا في سبيله ثم ضمّته الى صدرها وقبّلت بين عينيه وقالت : يابني ؟ لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة
قال عبد الواحد : فلما بلغنا بلاد العدوّ ونودي في النفير وبرز الناس للقتال برز ابراهيم في المقدمه فقتل من العدو خلق كثيرا ثم اجتمعوا عليه فقتل قال عبد الواحد : فلما اردنا الرجوع الى البصره قلت لأ صحابي لا تخبروا أم ابراهيم بخبر ولدها حتى ألقاها بحسن العزاء
لأن لا تجزع فيذهب أجرها قال: فلما وصلنا البصره خرج الناس يتلقوننا وخرجت ام ابراهيم فيمن خرج قال عبد الواحد فلما بصرت بي قالت : يا ابا عبيد هل قبلت مني هديتي فأهنأ ام ردت عليّ فأعزى ؟ فقلت لها قد قبلت والله هديتك ان ابراهيم حي مع الاحياء يرزق
قال فخرت ساجده لله شكرا وقالت : الحمد لله الذي لم يخيب ظني وتقبل نسكي مني وانصرفت
فلما كان من الغد أتت الى مسجد عبد الواحد فنادته السلام عليك يا ابا عبيد بشراك
فقال : لازلت مبشره با الخير فقالت له : رأ يت البارحه ولدي ابراهيم في روضه حسناء وعليه قبّة خضراء وهو على سرير من لؤلؤ وعلى رأسه تاج وإكليل وهو يقول لي : يا أماه !
أبشري فقد قبل المهر وزفّت العروس
هي حكاية مشهورة رواها ابن النحّاس في كتابه مشارع الأشواق وحكاها جماعة منهم أبو جعفر أحمد بن جعفر بن اللبان رحمه الله في كتابه المسمى "تنبيه ذوي الأقدار على مسالك





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الساده الزوار نرجوا ترك رد للموقع